site meter

search

Google

result

Wednesday, April 13, 2011

فعاليات ندوة تطور العلوم الفقهية في سلطنة عمان - التقرير الرابع

طالبت بالعمل على تنقية المواقع الإلكترونية حفاظا على الأخلاق -

الخليلي يدعو إلى الأخذ بالتوصيات لتتحول واقعا ملموسا في حياة الأمة -


كتب: سيف الخروصي وسيف الفضيلي -


دعا سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة راعي حفل ختام ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان (الفقه الإسلامي في عالم متغير) إلى أن تأخذ توصيات هذه الندوة طريقها إلى التنفيذ لتخرج من التنظير إلى التطبيق. وقال: كلنا أمل في أن تتحول واقعا ملموسا في حياة الأمة إن شاء الله.


وأوصت الندوة التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بفندق جراند حياة مسقط خلال الفترة من 9-12 الجاري بالعمل على تنقية المواقع الإلكترونية وحظر الضار منها بالمجتمع التي تعمد إلى إفساد أخلاق الشباب وترغيبهم في ارتكاب الجريمة، مع قيام المربين والمعلمين ببيان خطر هذه الجرائم والتحذير منها، وتنمية الشعور بمراقبة الله تعالى في السر والعلن، وعلى مراعاة مآلات الألعاب الإلكترونية بحيث تتفق مع الأحكام الشرعية والقيم الإنسانية، فالأصل فيها الإباحة، وتغير هذه الإباحة يكون بحسب القرائن والملابسات، وأبرز القواعد المؤصلة لهذه الألعاب قاعدة (الضرر يُزال) فإن كان لها أضرار صحية أو مالية أو نفسية أو على مستوى القيام بالواجبات الشرعية والأسرية فإنه عندئذ يجب منعها تطبيقا لهذه القاعدة، وقاعدة (جلب المصالح ودرء المفاسد) وذلك من جهة ما يمكن أن تحققه هذه الألعاب من منافع حسية وحركية وذهنية للأطفال والشباب.
 

وشددت على إيجاد البيئة الفكرية والاجتماعية والإعلامية الملائمة لأحكام الألعاب الإلكترونية والمساعدة على التوجيه والإرشاد، إلى أن يتوافر إحداث البديل الإسلامي لهذه الألعاب بما يتناسب وديننا وخصوصيتنا الثقافية وهويتنا، سواء بصنع هذه الألعاب وبرامجها داخل الدول الإسلامية، أم بالإفادة من تلك الألعاب المتوافرة بعد تنقيتها مما يتعارض مع قيمنا وأصولنا الشرعية والحضارية.


كما أوصت بأهمية دراسة الفقه المقارن لما يؤكده من تداخل المدارس الفكرية المختلفة والاتفاق على كثير من القضايا المتغيرة، وبذلك يتم التعارف بين مختلف المذاهب، مبلورا فكرا معتدلا للنظر في القضايا المستجدة بعد الرجوع إلى مصادر الشريعة وقواعدها وضوابطها العامة.


كما أشارت إلى أنه لا بد من تمكين الفقه من التعامل البناء مع المتغيرات من خلال الاجتهاد في النوازل، وإظهار مقدرة الإسلام وعلمائه على مواكبة مستجدات العصر، وتنقية فقه المذاهب والفقه المقارن من كل الآراء التي لا تلائم العصر والظروف المحيطة به في إطار سماحة الإسلام.

كذلك أوصت العناية بالفقه المرتبط بالأصول والمتصل بالقرآن منطلقا وإطارا، لنعيد الربط بين فقه الفروع وفقه الأصول من خلال التجديد الفقهي والأصولي.

كما شددت على دعوة علماء الفقه الشرعي وعلماء القانون إلى الاجتماع لصياغة اللوائح المنظمة للعمل في القضايا المتغيرة.


وحثت الباحثين على تناول نتاج الفقه الإباضي في الجانب المالي والسياسي، ومقارنته بالمعاملات المالية والأطر السياسية الحديثة، وبيان وجوه التجديد والنظرة الاستشرافية في ذلك النتاج.

وإعادة النظر في ترتيب الأحكام الشرعية والتسلسل الهرمي للقيم وقائمة الحلال والحرام، مما يحتم على أرباب العلم وأصحاب الفقه أن يركزوا مساعيهم على القضايا الحيوية والمصيرية وينأوا بأنفسهم عن بعض المسائل الفرعية التي قد تفضي إلى الفرقة والتشرذم بين المسلمين.

وأكدت أن المصالح المرسلة منهج تشريعي خصب، مشبع لحاجة الناس في كل زمان ومكان، وعامل أساسي للإبقاء على حيوية الشريعة، وهي من خير الوسائل وأنجعها لعلاج ما ينزل بالمسلمين من حوادث يحتاجون إلى معرفة الحكم الشرعي فيها، وليس العمل بها انفلاتا من النصوص الشرعية أو خروجا عليها، أو حكما بالرغبة والهوى، وبذلك يتحقق شمول التشريع ومرونته التي هي سر من أسرار خلود هذه الشريعة.

وترسيخ مفهوم الفروض الكفائية، وتصحيح الفهم الخطأ تجاهها بعدم قصرها على الجنائز ومتعلقاتها من الغسل والدفن، بل يشمل جميع الجوانب التي لا تنهض الأمة إلا بتحقيقها، كالطب والصيدلة والهندسة والصناعات وكل ما يتعلق بالمهن الحرة، إذ المقصود منها حماية المصلحة العامة للأمة.

كما اشارت الى ضرورة الاعتناء بفروض الكفاية الذي يوفر ميدانا فسيحا لتطوير المجتمعات الإسلامية، للعلاقة الوطيدة بين الفرض الكفائي والمسؤولية الاجتماعية، ولذلك توصي الندوة بوضع قواعد تضبط الفروض الكفائية بغية تطبيقها في إطار مؤسسات تعنى بوضع الخطط المتعلقة بها وعمل بحوث ودراسات تبحث كيفية توزيع الفروض الكفائية على المجتمع، وكيفية تأهيل الأفراد لتحمل أعباء القيام بها.

وأوضحت الى انه ينبغي إبراز إسهامات الفقه الإسلامي وأهله في تطوير وبلورة العديد من قواعد القانون الدولي العام لما تميزت به الشريعة الإسلامية من تقرير المبادئ والأسس المنظمة لعلاقات الدول ببعضها في الأحوال كافة.

وشددت على ضرورة التآخي بين مؤسسة الشورى وعلماء الشريعة (أهل الحل والعقد) في المواءمة بين الحكم الفقهي وتطبيقاته المجتمعية بغية الاقتراب ما أمكن من التعبير عن الرأي المقبول من أغلبية الأمة أو إجماعها.

كما اشارت الى الجنسية مصطلح سياسي جديد، ظهر مع تكوين الدولة الحديثة في أواخر القرن الثامن عشر، وقد التزمت به الدول الإسلامية بعد ظهور الأنظمة الإقليمية للمجتمع المعاصر، ولقد أصبح العمل بمدلول الجنسية معبرا عن انتماء الأفراد والجماعات لدولة معينة، واعتبرته انه لا يتناقض مع تعاليم الإسلام.

وبيّنت في توصياتها أن المذكور في كتب الفقهاء من تقسيم العالم إلى دارين: دار إسلام ودار حرب هو تعبير عن واقع أملته ظروف العلاقات بين المسلمين وغيرهم في حال وجود الحرب بينهم، ولا نجد دليلا نصيا على اعتبار هذا التقسيم على الدوام.

وطالبت بالعناية بفقه الأقليات من أجل تلبية احتياجاتهم لبيان أحكام القضايا الفقهية التي تواجههم في حياتهم وسط مجتمعات غير إسلامية. وأكدت على ان ظاهرة الاجتهاد الجماعي في عمان كانت واضحة المعالم في القديم والحديث، وإن الدور الكبير الذي تعنى به المجامع الفقهية في العصر الحاضر بارز حيث عالجت عددا من القضايا المعاصرة، مثل قضايا التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب وتشريح جثث الموتى ورفع أجهزة الإنعاش وزرع الأعضاء وغيرها، وقد كانت لهذه المجامع طريقة فريدة في معالجة هذه القضايا، فقد راعت فقه الأولويات وفقه الموازنات وتميزت بالسماحة وعدم التعصب لمذهب معين، والتزمت حرية النقاش والعمل بمبدأ الاجتهاد الجماعي واستخلاص النتائج والتصويت على القرارات إذا لم يكن هناك اتفاق، لذلك ينبغي العمل على ربط المجامع الفقهية في العالم بشبكة اتصال لتكوين مجلس أعلى للمجامع الفقهية كلها، لتحديد منهج الاجتهاد لما قد يطرأ في عالمنا المتغير مع مواكبة التطور السريع في العالم وضرورة التنسيق والتوافق بين قراراتها.

ودعت الى ضرورة عقد ندوة تقييمية لجهود الاجتهاد الجماعي الحديث بمختلف مؤسساته، ومعالجة معوقاته، وتحديد أساليب تفعيله وتطويره. وأبانت إن حرية تداول المعلومات جزء من حرية التعبير التي كفلتها الشريعة الإسلامية لذلك يجب أن تؤسس على مبادئ هذه الشريعة وتؤطر بضوابطها وقيودها في ضرورة الدقة والتثبت في نقل المعلومات وعدم وقوع الضرر بتداولها وسن قوانين منبثقة من هوية الأمة تنظم ذلك، والعمل على توفير الأمن والاستقرار في البلاد الإسلامية.

ودعت الى العناية بالفقه الرقمي المنشور في الانترنت وتوثيقه ووضع ضوابط له في الشكل والمضمون، لضمان فاعليته، وأداء دوره في تفقيه الناس وربطهم بمظلة الشريعة.

وبينت ان الجرائم الإلكترونية كثيرة ومتعددة، منها انتحال الشخصية والاعتداء على المعلومات والسرقة الالكترونية والقذف والتشهير، وإفشاء الأسرار الوطنية، ولذلك لابد من وضع قانون لمكافحة هذه الجرائم، والعمل على كشف المحتالين والمزورين وبيان طرقهم وأساليبهم حتى يتحقق الأمن للناس وممتلكاتهم وحقوقهم.

كلمة المشاركين

وفي كلمة المشاركين في الندوة التي ألقاها بالنيابة عنهم د. عبدالله فدعق أشار فيها الى ان موضوع ندوة هذا العام يتحدث عن نفسه، والحمد لله تعالى أن جميع جوانبه نوقشت كالمعتاد بلا تسييس وبلا ضجيج، وبانضباط ونظام، وبدقة والتزام، وبكل حرية واستقلال.


وقال: لقد آن أوان تحويل مقولة إن «الشريعة صالحة لكل زمان ومكان» إلى مقولة بديلة هي: «إن الزمان والمكان لا يصلحهما إلا الشريعة». ولقد آن أوان تحويل هذه المقولة من مجرد نظرية إلى تطبيق حيوي في حياة الأمة.

وأشار إلى أن هذا التطبيق يحتاج فيما يحتاج إلى تفعيل دور الاجتهاد وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، وكيفية تكوين الملكة الفقهية، وعمل مقارنة بين أحكام التشريع الإسلامي وبين القوانين الوضعية، والنظر بعمق في النوازل والمستجدات التي تواجه الحياة اليومية.

وأكد أن حركة التجديد في الفقه لم تتوقف منذ عهد الصحابة وإلى يومنا هذا وإن اختلف نتاجها كثرة وقلة، وبحمد الله نجد في أيامنا هذه أن العطاء الفقهي مستمر، على الرغم مما يتعرض له من التحديات.

ومعلوم أن الثابت بالنص الثابت القطعي لا يعدل ولا يتغير، فالعقائد، والعبادات، والمقادير الشرعية، والقواعد القطعية ثابتة راسخة. أما الوسائل المساعدة للعقيدة، والوسائل المساعدة للعبادات، والوسائل المساعدة للمقادير الشرعية، والوسائل المساعدة للقواعد القطعية أو الكلية الكبرى فهي قابلة للاجتهاد، فالعلل تبدلت، والأعراف تطورت، والعالم تغير، ولا بد أن ننزل المتغيرات على واقع الناس، حتى نخرج من ظن أن الفقه تنظير، أو أنه مجرد تراث.

وأضاف، لا بد لنا من تفعيل الفقه الإسلامي، وتوسيع دائرة الاجتهاد، واستيعاب النوازل الحديثة، بكل تقلباتها وتشعباتها، وبدونه لن نصمد أمام التحديات. وما دامت حركة المجتمعات في تطور فإن هذه هي الوجهة اللازمة للعلماء الفقهاء.

وأخيرا وليس آخر، أرجو باسمي وباسم أصحاب الفضيلة العلماء المشاركين في هذه الندوة أن يسمح لنا أهلنا أهل سلطنة عمان الكرماء أن نوجه تحية واجبة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي راقبنا جميعا وبكل فخر كيف استطاع بحكمته وبهدوئه، وبخطواته المباشرة والفورية أن ينتصر لشعبه، وأن يقمع محاولات الفساد والإفساد، ولا غرابة في ذلك لمن كان ديدنه ترديد: (سأعمل بكل ما يمكن لجعل العمانيين يعيشون سعداء، لمستقبل أفضل)، فجزاه الله عن أمته، وعن محبيه خيرا.. وتقبل الله جمعنا بقبول حسن.. ودمتم ونحن معكم آمنين مطمئنين.

بحوث

فكرة الجنسية في الفقه الإسلامي وقواعدها الشرعية

المشارك د. عبدالستار أبو غدة: تناول الباحث موضوع الجنسية بشيء من التفصيل ما بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي، فتكلم عن المستندات التاريخية لمفهوم الجنسية والعلاقة بين الجنسية والانتساب للقبيلة، وعلاقة الجنسية بالمواطنة والفرق بين دار الإسلام ودار الكفر، وتناول بعد ذلك الباحث ما يتعلق بالجنسية في التطبيقات المعاصرة (التوطن بالدولة) مثل منح الجنسية بالتبعية أو بموجب الإقامة الطويلة أو بالخدمات الجليلة للدولة أو بموجب اللجوء السياسي، وأنهى الباحث بحثه برأي لسماحة الشيخ أحمد الخليلي مفتي السلطنة وعضو الفقه الإسلامي الدولي حيث فصل في الجواب على موضوع الجنسية على النحو التالي: "التجنس بجنسية دولة غير مسلمة تتوقف الفتيا فيه على النظر في جوانب مختلفة منه، فالتجنس يعني الالتحاق التام بمواطني الدولة المانحة للجنسية في الحقوق والواجبات بحيث يكون للمتجنس وعليه ما للمواطنين الأصليين وما عليهم من حقوق المواطنة وواجباتها، فلو اقتضى الأمر فرض تلك الدولة على مواطنيها مقاومة دولة إسلامية لكان على هذا المسلم الحامل لجنسيتها، بموجب نظامها أن ينخرط في هذا السلك ويتحمل هذا الفرض. لذلك نرى أن التجنس بجنسية دولة غير مسلمة من الأمور التي يصار إليها مع الضرورة، كما إذا طورد المسلم ولم يأمن على حياته أو عرضه أو ولده أو ما ماثل ذلك، ولم يتمكن من اللجوء إلى بلد إسلامي لانسداد الأبواب بين يديه. ومع ذلك فإن عليه أن ينوي في قرارة نفسه العودة إلى بلاد الإسلام متى وجد الباب مفتوحاً والمحذور مرتفعاً. كما أن عليه أن يختار من بين الدول التي يلجأ إليها – حال الخوف – الدولة التي يتمكن فيها من ممارسة جميع واجباته الدينية بحرية كاملة سواء كانت هذه الواجبات شخصية أم اجتماعية".

الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني

المشارك، د. برهان كور أوغلو يبين ان القانون الدولي الإنساني يقوم على جملة من المبادئ والقواعد الهامة التي تعنى بحماية الإنسان في ظل النزاعات والصراعات والحروب التي تنشأ بين الدول، وهذه المبادئ القانونية مكملة لمهمة القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي ينظم حقوق الإنسان بصفة عامة، أو هي من وجهة نظر أخرى فرع عنها.


و"قد اهتمت الأمم المتحدة عند إعادة تنظيم المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بمواصلة الجهود في ميدان التقنين على أسس جديدة، فنصت في المادة الثالثة عشرة في الفقرة الأولى من ميثاقها على أن تنشئ الجمعية العامة دراسات وتشير بتوصيات بقصد إنماء التعاون الدولي في الميدان السياسي، وتشجيع التقدم المضطرد للقانون الدولي وتدوينه، ثم بادرت في أول دورة للجمعية العامة بجلسة 11 ديسمبر 1946م بوضع هذا النص موضع التنفيذ عن طريق تكوين لجنة إعدادية من ممثلي سبع عشرة دولة لبحث الوسائل الكفيلة بتشجيع إنماء القانون الدولي وتدوين قواعده، واستمرت الدورات اللاحقة بمواصلة تدوين كافة فروع القانون الدولي بما فيها الميثاق الدولي لحقوق الإنسان وقوانين حقوق الطفل والأسرة وقوانين عديدة لحماية الإنسان والبشرية جمعاء.

وعلى صعيد القانون الدولي الإنساني فقد مر في مراحل متطورة منذ النشأة المتواضعة لبعض مبادئه، بالرغم من توفير أهم قواعده في الأديان السماوية والحضارات والمجتمعات القديمة، وما يميز القانون الدولي الإنساني المعاصر هو تعاون للدول والمنظمات المعنية مثل منظمة الصليب الأحمر ومنظمة الهلال الأحمر على تبني هذا القانون منذ نشأته الحديثة، ولا يزال العمل متواصلا لتطويره وتدوينه ليكون قانوناً دولياً ملزماً للمجتمع الدولي وليس مجرد قوانين نظرية تتداولها المنظمات والهيئات الدولية دون أثر لها في واقع الحياة. وفي كل الأحوال لا يمكن عزل القانون الدولي الإنساني عن القوانين الدولية لحقوق الإنسان، وبالأخص الميثاق العام لحقوق الإنسان، والذي تولت صياغته والتوقيع عليه الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، بالرغم من النشأة السابقة لبنود هذا القانون من قبل بعض المفكرين الغربيين أو بعض المنظمات الدولية أو الحقوقية، وعلى العموم فإن مصطلح القانون الدولي الإنساني يشمل القانون الخاص بالإنسان وحمايته.

لقد أوجد القانون الدولي الإنساني من الناحية الإيجابية تقديراً وقبولاً وثناء وشكرا من العالم أجمع، بما فيه العالم الإسلامي الذي شاركت العديد من دوله في صياغة بعض القوانين الدولية وبالأخص ميثاق حقوق الإنسان، بحكم ما كانت تمتلكه هذه الدول الإسلامية من قيم دينية، وما تؤمن به من ثقافة إسلامية، وكذلك وقعت كافة دول العالم الإسلامي على كافة المواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان، وبالأخص القانون الدولي الإنساني الذي يحفظ حقوق الإنسان في ظل الحروب والصراعات الدولية. إن الاهتمام بالإنسان هو في محور رسالة الإسلام، في مبادئه الأساسية وفي تفصيلاته الفقهية وأحكامه الشرعية، وقد نظر المنصفون من علماء الغرب إلى القيم الإسلامية في هذا المجال فوجدوها من أفضل القيم العالمية في حفظ حقوق الإنسان وبالأخص في ظروف الحرب والاقتتال بين الدول، لا من الناحية النظرية والنصوص الدينية فقط، وإنما من الناحية العملية التطبيقية في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين، ومن سار على نهجهم وأخذ بفقههم واجتهادهم وأحكامهم.

ومن هنا انبرت العديد من المؤتمرات الدولية بهدف تعريف المسلمين بالقانون الدولي الإنساني في كافة بلدان العالم الإسلامي، فعقدت في العقد الأخير المؤتمرات العديدة في العواصم العربية والإسلامية، بل والعواصم التي توصف بالعواصم الدينية مثل مدينة قم الدينية، عقدت فيها المؤتمرات التي تبحث القانون الدولي الإنساني بهدف نشر هذه الثقافة في العالم العربي والإسلامي، بداية في الأوساط الثقافية العليا من كبار المسؤولين والهيئات التدريسية في الجامعات والهيئات الأهلية، وبالرغم من إقرار هذه المؤتمرات بالقيم الإسلامية بحقوق الإنسان وحفظها له في أشد الظروف قسوة، مثل الحروب والنزاعات الدولية، سواء في داخل العالم الإسلامي أو خارجه، إلا أن تقدم الرؤى الإسلامية الإنسانية ستبقى حاجة متواصلة للمجتمعات الإسلامية المعاصرة، بسبب ما يتعرض له العالم الإسلامي من حروب داخلية وخارجية لا تكاد تنهي واحدة حتى تشتعل أخرى.

وأشار الى بعض الأسس العقدية التي يقوم عليها الفقه الإسلامي في ضبط العلاقات بين الناس، فالمسلمون لا يستعملون القوة من أجل إرغام الناس على دخول الإسلام بالقوة والإكراه، ولا لأن الناس يختلفون معهم في الأديان والمعتقدات الشخصية، ولا تكبراً ولا غطرسة في الأرض، ولا من أجل فرض الإسلام نظاماً عالمياً وحيداً بالقوة العسكرية، فالإسلام احترم طرق عيش البشر من غير العرب ومن غير المسلمين، وبالأخص من أهل الكتاب، والتاريخ النبوي شاهد على ذلك في الدستور الإسلامي الأول في التاريخ، فقد اعترف باليهود أمة مع المؤمنين في الدولة الإسلامية الأولى في صحيفة المدينة المنورة.

والواقع يؤكد ان المسلمين في الحاضر في حالة دفاع عن حقوقهم الطبيعية والفكرية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهم اليوم في حالة من تنامي عداء غير المسلمين لهم، كما أقره البيان الختامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأخير في دورته الاستثنائية الثالثة للمؤتمر المنعقد في مكة المكرمة بين 7 ـ 8 ديسمبر 2005م، الذي جاء فيه: (أكد المؤتمر ضرورة العمل الجماعي على إبراز حقيقة الإسلام وقيمه السامية والتصدي لظاهرة كراهية الإسلام وتشويه صورته وقيمه وتدنيس الأماكن الإسلامية والعمل الفعال مع الدول والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية وحثها على تجريم هذه الظاهرة باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية.

أعرب المؤتمر عن قلقه إزاء تنامي الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في العالم، وأكد مسؤولية جميع الحكومات على ضمان الاحترام الكامل لجميع الأديان والرموز الدينية وعدم جواز استغلال حرية التعبير ذريعة للإساءة إلى الأديان. إن هذا الإقرار من أكبر تجمع رسمي إسلامي دولي يؤكد على أن للمسلمين حقوقاً يحق لهم الحفاظ عليها، وأنه من الواجب عليهم الدفاع عن حقوقهم الداخلية الخاصة، في حقهم في العيش على أرضهم أحرارا في معتقداتهم ودينهم ورموزهم الدينية وأنماط عيشهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذا يوجب على الدول المعتدية على الشعوب والدول الإسلامية أن تعيد حساباتها، وتنظر بعين العدل للشعوب والدول الإسلامية في حقها في العيش بحرية وأمان، وحقها في الاختلاف الفكري والثقافي والديني مع الأمم الأخرى، بما فيها الدول الكبرى في العالم، وحقها في تقرير طبيعة إصلاحها الداخلي وأولوياته، وطرق معالجتها لمشاكلها الداخلية، بما فيها طرق التعامل مع قوى المعارضة الداخلية، فهذه حقوق أساسية للحفاظ على هوية أي شعب أو دولة

منشور في جريدة عمان في 13 أبريل 2011م
فعاليات ندوة تطور العلوم الفقهية في سلطنة عمان - التقرير الأول في
http://presentport.blogspot.com/2011/04/blog-post_11.html

فعاليات ندوة تطور العلوم الفقهية في سلطنة عمان - التقرير الثاني في
http://presentport.blogspot.com/2011/04/blog-post_12.html

فعاليات ندوة تطور العلوم الفقهية في سلطنة عمان - التقرير الثالث في
http://presentport.blogspot.com/2011/04/blog-post_496.html




No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة