site meter

search

Google

result

Thursday, January 12, 2012

التخطيط الإستراتيجي الاسرائيلي

بقلم : زاهر بن حارث المحروقي
سلطنة عمان

 عنوان هذا المقال مأخوذ من أغنية للموسيقار الراحل فريد الأطرش التي يقول فيها لمحبوبه إنه سيظل وراءه دائما يطارده، يطلع المحبوب للسماء يطلع له وينزل من المساء ينزل له، أي أنه لن يتركه حتى لحظة واحدة يفلت منه

 هذا المقطع من الأغنية لعله ينطبق تماما مع حالة الكيان الإسرائيلي مع الأمة العربية إذ أن هذا الكيان لم تضعف عزيمته حتى لحظة واحدة وراء محاولته تضييق الخناق على الأمة ومحاصرته لها من كل حدب وصوب رغم استسلام الأمة التام ورغم انفراد إسرائيل بالساحة تلعب فيها كيفما تشاء ومتى تشاء

 والجديد في هذا الشأن أنه في أعقاب الإعلان عن وفاة زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ إيل، قالت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية في عددها الصادر الثلاثاء 20/12/2011 نقلاً عن مصادر رفيعة المستوى في تل أبيب، إنه في عامي 1992 ـ 1993 أجرت إسرائيل اتصالات سرية مع كوريا الشمالية لإقناعها بعدم بيع صواريخ أرض أرض لسوريا وليبيا والعراق ومصر، علاوة على ذلك أضافت المصادر عينها للصحيفة أن وفدًا إسرائيليًا رفيع المستوى من وزارة الخارجية برئاسة إيتان بنتسور قام بزيارة سرية إلى كوريا الشمالية وفحص إمكانية قيام إسرائيل بشراء منجم للذهب غير فعال مقابل التزام كوريا الشمالية بعدم بيع العرب تكنولوجيا نووية وصواريخ متطورة

 واستطردت الصحيفة قائلةً إنه في العام 1993 قدم رئيس الموساد في حينه، شبتاي شبيط تقريرا إلى رئيس الوزراء رابين جاء فيه أن الاتصالات مع كوريا الشمالية لن تعود بالفائدة كليًا على الدولة العبرية وعلى مصالحها، وفي أعقاب ذلك تقرر وقف الاتصالات، وقالت الصحيفة إنه بعد مرور وقت قصير من اتخاذ قرار وقف الاتصالات تلقى بنتسور مكالمة هاتفية من مسؤول في كوريا الشمالية اقترح عليه الالتقاء في باريس مع المسؤول عن تطوير الصواريخ وهو صهر كيم جونغ إيل، بيد أن اللقاء لم يخرج إلى حيز التنفيذ، على حد تعبير المصادر الإسرائيلية وتتهم إسرائيل كوريا الشمالية بتزويد ست دول في الشرق الأوسط بأسلحة دمار شامل في تجاهل لالتزامات كبح الأسلحة، وتقول إن هذه الدول حصلت سرا على سبل إنتاج أسلحة نووية وصواريخ ذاتية الدفع من كوريا الشمالية

 لقد تواصلت إسرائيل مع كوريا الشمالية بعد ذلك كثيرا بهدف التضييق على الدول العربية حتى لا تستفيد من الصناعات العسكرية وتبقى جامدة على ما تأخذه من الفتات الغربي فقط، مما يجعلنا الآن نثمّن ونقدّر الخطوة التي قام بها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عندما عقد صفقة الأسلحة مع الاتحاد السوفييتي فيما عُرف تاريخيا بصفقة الأسلحة التشيكية، إذ أن أمريكا والدول الغربية رفضت تسليح مصر بعد أن رفضت تمويل مشروع السد العالي مما جعل الرئيس عبد الناصر يتجه إلى موسكو لتسليح الجيش المصري وكسّر بذلك مبدأ احتكار بيع السلاح، وقد أثارت تلك الصفقة ضجة كبرى وقررت أمريكا أن تقدم إنذارا إلى جمال عبد الناصر لإيقاف الصفقة لكن عبد الناصر هدد بأنه إذا تلقى الإنذار من المبعوث الأمريكي فإنه سيطرده من مكتبه شر طردة، فما كان من السفير الأمريكي في القاهرة إلا أن يقول للمبعوث الأمريكي قبل نزوله من الطائرة: ممنوع تقديم أي إنذارات والإدلاء بأي تصريحات لأن الأجواء متوترة!

والغريب في تلك الصفقة أن بعض الأصوات العربية التي وقفت ضد عبد الناصر كما تقف الآن ضد أي مشروع وطني عروبي حقيقي قالت إن هذه الأسلحة أسلحة شيوعية، وكان رد عبد الناصر "إننا لا نعلم أسلحة شيوعية أو غير شيوعية وإنما نعلم أنها أسلحة مصرية ونحن نريد سلاحا نقرر مصيره ولا نريد سلاحا يقرر مصيرنا"، عموما لقد كانت تلك فترة حية في حياة الأمة العربية وكانت هناك قيادة تخطط للمستقبل وترفض التبيعة، ورغم الهزيمة العسكرية إلا أن الإرادة العربية لم تُهزم، ويشهد التاريخ أن جمال عبد الناصر اتبع سياسة احتواء إسرائيل في أفريقيا وفي آسيا وفي كل مكان وقد نجح في ذلك لدرجة أن استطاع أن يبعد إسرائيل من منظمة دول عدم الانحياز التي كانت قد وجهت الدعوة لإسرائيل لحضور القمة الأولى التي عقدت في باندونج بأندونيسيا، وهذه السياسة هي التي تتبعها الآن إسرائيل لمحاصرة الوطن العربي كله

 عندما تغط الأمة العربية في سبات عميق ( ويبدو أنه سيطول إلى أبعد مما نتصور طالما أن الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات يؤكدون أنهم سيتعاملون مع إسرائيل وأن اهتمامهم منصبّ في الداخل فقط ) وعندما تطبّق إسرائيل حكاية الموسيقار فريد الأطرش "وراك - وراك دائما" ماذا حصل ؟

 لقد استطاعت إسرائيل أن تقيم علاقات وثيقة وقوية واستراتيجية مع حلفاء العرب التاريخيين مثل الصين الشعبية والهند وأسبانيا وروسيا، وأصبح الميزان التجاري لصالح إسرائيل وأصبح التعاون في المجالات العسكرية قويا وتاما بين إسرائيل والهند وكذلك مع الصين، كما أن التعاون العسكري بين إسرائيل وتركيا التي تريد أن تعطي لنفسها دور الوريث للخلافة العثمانية قوي جدا والتبادل التجاري بين الطرفين يزداد يوما بعد يوم رغم مسرحيات أسطول الحرية، حيث وصفت صحيفة "ميللي جازته" التركية موقف تركيا من التطورات الجارية في المنطقة بأنها "صقر مع سوريا وحمامة سلام مع إسرائيل"، ونوهت الصحيفة إلى أن المعطيات الأخيرة تشير إلى أن قيمة الصادرات الإسرائيلية لتركيا ارتفعت إلى 1.6 مليار دولار وقيمة الاستيراد من تركيا ارتفعت الى 1.86 مليار دولار وارتفاع قيمة الصادرات الإسرائيلية من تركيا خلال شهر اكتوبر الماضي من العام الجاري بنسبة 60% عن الشهر نفسه من العام الماضي

 والحقيقة إن بروز تركيا على الساحة يعود إلى الأسباب نفسها التي جعلت من إسرائيل بارزة والسبب هو غياب العرب

 ولا يملك الإنسان أن يلوم تلك الدول على علاقتها بإسرائيل لأن الأمة العربية تعيش بلا هدف وبلا قيادة في وقت نرى فيه أن إسرائيل تتوسع وتتمدد وتقدم نجاحا بعد نجاح يوما بعد يوم على كل الأصعدة ولديها ما تقدمه للعالم من تكنولوجيا وسلاح وخبرات، والعرب فقط مستهلكون، فَتَحَ الله عليهم من خزائنه ولم تستطع هذه الخزائن أن تطور البشر والمجتمع بل لم تستطع أن تُشبع حتى الجوعى، ولم نر عالِما واحدا يشار إليه بالبنان وأقصى ما يصل إليه المواطنون العرب هو حرف الدال وبعده نقطة قبل كتابة الإسم وما أكثرهم في الساحة العربية وأقل بركاتهم..!

وعندما بنى حاكم عربي مثل صدام حسين قاعدة علمية حقيقية وكوّن أكثر من 36 ألف عالم حقيقي في مجالات الذرة وفي مجالات أخرى مختلفة، تعاون العرب مع الأمريكان لتدمير العراق ولاغتيال أولئك العلماء الذين اختفوا من الوجود بعد الاحتلال الأمريكي للعراق إما عن طريق الإغتيال أو الإختطاف أو الإختفاء

 إن أمة تعيش على الهامش ليست جديرة بالحياة ولا يمكن أبدا أن تسير الأمور بالبركة فقط أو بدعاء الوالدين كما هو حاصل الآن، وإنما تستحق الحياة أمةٌ تبني الحاضر وتخطط للمستقبل

منشور في جريدة الرؤية العمانية في 10 يناير 2012

2 comments:

Unknown said...

http://hershoolathots.blogspot.com/

Anonymous said...

Is the owner of this blog below Omani?

http://hershoolathots.blogspot.com/

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة