site meter

search

Google

result

Tuesday, March 9, 2010

فشل عملية المبحوح وإسرائيل تفشل في منع حسن نصر الله من الظهور علنأُ في سوريا

زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني

لقد تلقى الموساد الإسرائيلي صفعتين متقاربتين على الوجه ، كانت الأولى هي الفضيحة التي تلقاها بعد العملية التي قام بها جهاز الموساد باغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة حماس في دبي إذ اعتبرت العملية من أفشل العمليات في تاريخ إسرائيل ، وقد أظهرت التحقيقات التي أجرتها السلطات الإماراتية مؤشرات واضحة على فشل أداء جهاز الموساد الإسرائيلي بالرغم من نجاحه في عملية الاغتيال خاصة أن الجريمة كشفت تداخلات كبيرة مع العديد من الدول الأوروبية والتي قد تقود لأزمة بين إسرائيل وهذه الدول، والفضل يعود في ذلك إلى سرعة شرطة دبي في كشف ملابسات الجريمة بالصوت والصورة وكشف جوازات من قام بالعملية وقد أشارت الصحف الإسرائيلية أن 7 من الإسرائيليين المقيمين في إسرائيل ويحملون جوازات سفر أجنبية يتهمون جهاز الموساد بانتحال شخصياتهم وأكدوا أنهم كانوا في إسرائيل ولم يغادروها وقت تنفيذ جريمة الاغتيال حيث أعربوا عن استغرابهم لظهور الصور مما دفعهم لاتهام جهاز الموساد الاسرائيلي بانتحال شخصياتهم وتزييف جوازات سفرهم الاجنبية ، فيما تؤكد المعلومات الصادرة من إسرائيل أن أكثر من 350 ألف إسرائيلي يحملون جوازات سفر أجنبية ، وهذا مؤشر خطير يجب أن ينتبه إليه العرب إذ أن كثيرا من هؤلاء يجوبون الوطن العربي كله تحت مسميات ومهمات وهمية.

إن كل الضجة المقامة حاليا حول اغتيال المبحوح ستذهب إلى النسيان مثل كل العمليات إلا أنها قد نبهت العالم إلى تلاعب الموساد بالجوازات الأجنبية وربما تعاون هذه الدول مع الموساد في تنفيذ عملياتها القذرة خارج حدود إسرائيل وهي مسألة تثير قلقاً كبيرا كونها ترجح إمكانية وقوع هذا الأمر في حالات أخرى بما في ذلك أعمال الارهاب .

إذا كان الموساد قد تلقى صفعة من شرطة دبي فإن ذلك لا يعني أبدا أن جهاز الموساد ضعيف أو أنه في حالة ضعف كما لا يدل ذلك على أن شرطة دبي يجب أن تأخذ أيضا أكبر من حجمها ، فالمعطيات المنطقية تقول إن الموساد لا يزال يملك قدرة التحرك في الوطن العربي متى وأين وكيف يشاء لأن العرب ببساطة نائمون ولا يريدون أن يشغلوا أنفسهم إلا بأوهام السلام الزائف ، فمجموعة من الكومندوس يدخلون عبر المطار إلى دولة مستقلة وذات سيادة بجوازات سفر مزورة في وقت محسوب وبدقة متناهية ويعرفون أن المبحوح دخل بوثائق مزورة وباسم مستعار وينفذون عمليتهم في فندق من فئة خمس نجوم من المفروض أنه في قمة تحصين ولا يشعر بهم أحد ثم يغادرون البلاد بسلام ، ألا يدل ذلك على حسن التخطيط والقدرة على التنفيذ ؟ هذا إذا لم ننس المطربة اللبنانية سوزان تميم التي اغتيلت بالطريقة نفسها في دبي مما يطرح تساؤلات حول قوة الأمن في الإمارة.

والمعطيات نفسها تقول إن شرطة دبي كان عليها أن تمنع الجريمة قبل حدوثها ولا يجب مع ذلك التقليل من قدرة شرطة دبي على سرعة كشف خيوط الجريمة ، فحسب كلام قائد شرطة دبي فإن هناك أكثر من 10 آلاف كاميرا منتشرة في ضواحي دبي وإن عملية الكشف عن المعلومات المتعلقة بالمتهمين الـ27 باغتيال المبحوح تضمنت تحليل مئات الساعات من الأشرطة المسجلة وكذلك متابعة نحو 300 سائق أجرة لمعرفة ما هي السيارات التي استخدمها المتهمون، ناهيك عن مراجعة سجلات نحو 15 ألف أوروبي يزورون دبي يوميا من ضمن 48 مليون مسافر يزورون دبي سنويا .

إلا أن كلام الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي عن قدرة الأجهزة الأمنية في الإمارة على اختراق مكتب الموساد الإسرائيلي نفسه لو أرادت يعتبر مبالغا فيه ، وإن كان فيه بارقة أمل لهذه الأمة لأن اختراق الموساد إذا وجدت العزيمة عند العرب فيمكن أن يحدث بسهولة وليس أدل على ذلك من تمكن المخابرات المصرية من وضع أجهزة التسجيل في 4 أماكن حساسة في السفارة الأمريكية في القاهرة حسبما أعلن عن ذلك الأستاذ هيكل في قناة الجزيرة ، ولكن يبقى أن شرطة دبي وجهت صفعة للموساد الإسرائيلي إذ أن وسائل الإعلام الصهيونية كلها تقريبا أشارت إلى أن عملية المبحوح من أفشل العمليات التي قام بها الموساد.

" 2 "

نأتي الآن إلى الصفعة الثانية التي وُجهت إلى الموساد الإسرائيلي وهي تتمثل في وصول السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله إلى دمشق واجتماعه علنا بالرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وهو المطلوب رقم 1 إسرائيليا ، فقد أثارت الزيارة العلنية عاصفة من التحليلات والتفسيرات التي وصلت حد التخيلات التي عجت بها الصحف الإسرائيلية ولسان حال معظمها يتساءل كيف وصل المطلوب الأول والأكثر متابعة على الإطلاق من قبل المخابرات الاسرائيلية الى دمشق؟ وفي هذا السياق ادعت الصحافية سميدار بيري المختصة بالشؤون العربية في صحيفة يديعوت أحرونوت أن حسن نصر الله وصل العاصمة السورية مستعينا بحركات تضليلية واسعة إضافة إلى عمليات تنكر حسب تعبيرها ، وأضافت أن المسافة بين العاصمة اللبنانية بيروت والعاصمة السورية دمشق ليست بالبعيدة وتكفي سفرة واحدة قصيرة لتحط في دمشق ولكن بالنسبة لحسن نصر الله الذي أمضى السنوات الماضية مختفيا من العيون الاسرائيلية التي تترصده باستمرار تحول السفر الى دمشق الى نوع من العملية المعقدة والذكية بشكل خاص.

ويتخذ حزب الله حين يقرر نصر الله الخروج من مكانه السري في بيروت وهي مرات نادرة ، يتخذ إجراءات أمنية مشددة وغاية في السرية حفاظا عليه وخشية استغلال إسرائيل للفرصة لاغتياله مما جعل الحزب يتصرف بانتباه وحرص شديد . وتتوقع إسرائيلية أن حسن نصر الله من الواضح أنه استخدم السيارة لأن أية رحلة جوية خاصة كانت ستثير الشكوك والريبة مما سيجعل أمر إسقاطها أو اعتراضها فورا واقعيا ، وادعت مصادر الموساد بأن رجال حزب الله قرروا تقديم موعد السفر الى سورية بيومين وصعد نصر الله على متن سيارة لا تثير الشكوك ولا تجلب الانتباه وتنكر بشكل يجعل من الصعب التعرف على شخصيته، فيما أكد رجال الأمن التابع له بأن خوفهم الشديد كان من احتمالية غارة اسرائيلية تستهدف جميع مركبات القافلة التي شقت طريقها من بيروت إلى قصر الرئاسة السوري ، وتقول المصادر الإسرائيلية إن حزب الله قام ببث الشائعات عبر قناة المنار حول لقاءات واجتماعات مقررة لحسن نصر الله في بيروت في حين كان الأخير في دمشق إضافة إلى بث الأجهزة الأمنية التابعة للحزب لإشاعة مفادها أن نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم هو من سيلتقي الرئيسين السوري والايراني في دمشق.

وتعتقد الصحافية الإسرائيلية سميدار بيري أن نصر الله استغل المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيسان السوري والإيراني ليشق طريق العودة إلى بيروت دون أن يثير الشكوك .

" 3 "

لقد تلقت إسرائيل صفعة بزيارة نصر الله لدمشق ولكن هل هي أعجز من أن تصل لحسن نصر الله ، كما وصلت من قبل لعباس الموسوي أمين حزب الله الراحل ؟ وهل ثمن نصر الله يختلف إسرائيليا عن ثمن عباس الموسوي والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وعماد مغنية والمبحوح وغيرهم ؟ وسؤال آخر هل فعلا أن إسرائيل كانت تعلم بتحركات حسن نصر الله ولكنها لم تمسسه بسوء خوفا من ردة الفعل وأجلت ذلك إلى وقت لاحق ريثما تتحسن الظروف ؟ هناك من يعتقد أن محضر الاجتماع الذي عقد بين القادة الثلاث قد أصبح لدى الموساد الإسرائيلي بالصوت و الصورة لأن الاختراق الإسرائيلي لسورية أصبح معلوما منذ استهداف دير الزور إلى اغتيال عماد مغنية وكلها مؤشرات تدل على اختراق سوريا على أعلى و أرفع مستوى بل هو اختراق للوطن العربي كله .

وملخص القول إن الموساد تلقى صفعتين وإن كانت خفيفتين بكشف شرطة دبي ملابسات اغتيال المبحوح وظهور حسن نصر الله في دمشق علنا مع بشار الأسد وأحمدي نجاد ، وسيبقى السؤال الملح مطروحا متى سينتقم حزب الله لاغتيال عماد مغنية ومتى ستتمكن حركة حماس من الانتقام لضحاياها الكثيرين وعلى رأسهم مؤسسها الشيخ أحمد ياسين رحمه الله ؟

منشور في جريدة الشبيبة العمانية

No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة