site meter

search

Google

result

Wednesday, February 17, 2010

قوة إعلام إسرائيل

زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني

يختلف الناس حول بروتوكولات حكماء صهيون حيث يرى البعض أنها ليست بروتوكولات حقيقية وإنما كتبها الكارهون لليهود في روسيا ، ولكن من يتأمل فيها جيدا يجدها تتحدث عن واقع اليهود والصهاينة ويتأكد أن اليهود في الواقع ينفذون ما جاء فيها بدقة ، فمثلا في البروتوكول الثالث عشر مكتوب ( علينا أن نلهي الجماهير بشتى الوسائل ، وحينها يفقد الشعب تدريجيا نعمة التفكير المستقل بنفسه ، سيهتف الجميع معنا لسبب واحد هو أننا سنكون أعضاء المجتمع الوحيدين الذين يكونون أهلا لتقديم خطوط تفكير جديدة‍ ) ، وهم بالفعل يتولون الآن تنفيذ ما ورد في البند السابق إذ هم من يسيطرون على الإعلام وصناعة الأفلام وكل وسيلة تؤدي إلى تشكيل وعي الناس بأسلوب علمي دقيق مع إخفاء من يوجه تلك الرسالة التي تؤدي إلى فقد نعمة التفكير المستقل ، والإعلام سلاح خطير لمن يعلم استغلاله فهو أقوى من الدبابة والطائرة ومن يسيطر على الإعلام يسيطر على أكبر قوة في العصر الحديث ! لذا لقد نجح اليهود في السيطرة التامة على وسائل الإعلام في الغرب من سينما وصحافة وشبكات إذاعية وتليفزيونية وغيرها ومن فترة مبكرة جدا ، ومن خلال ذلك استطاعوا توجيه حكومات الدول بما في ذلك حكومة أمريكا نفسها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لخدمة أهدافهم التي تصب كلها في مصلحة إسرائيل وتظهر تخلف المسلمين حتى التصقت بهم تهمة الإرهاب وكل ذلك بهدف إبعادهم عن أمريكا والغرب بعد أن أصبحوا يشكلون ما يراه اليهود أنهم الخطر القادم ، وربما أن خير من كتب عن تغلغل اليهود وسيطرتهم على وسائل الإعلام المختلفة ومدى النفوذ الذي يتمتعون به في أمريكا هو بول فندلي في كتابيه الهامين ( من يجرؤ على الكلام ) و ( لا سكوت بعد اليوم )
 
لقد أدرك اليهود قيمة التغيير الفكري في تحريك الشعوب فعملوا على استعمال هذه السياسة في كل تاريخهم ، وفي فترة الإسلام المبكرة جدا نجدهم أنهم قد أدخلوا في هذا الدين من أباطيلهم الكثير مما عرف بالإسرائيليات في التفسير وفي الحديث ، وما أكثر الشائعات الباطلة والتعليقات المزوَّرة التي حارب بها اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته منذ الأيام الأولى لدعوة الإسلام ! والمثير أن اليهود لا زالوا إلى الآن يستخدمون السياسة نفسها وإن كان خطرهم قد أصبح أشدَّ، وأثرهم صار أعمق وذلك كما يرى د. راغب السرجاني في مقال كتبه عن سيطرة اليهود على الإعلام الأمريكي والعالمي ، بسبب قوة الآلة الإعلامية في زماننا من ناحية ومن ناحية أخرى لغياب الإعلام المضاد الذي يصحِّح المفاهيم ويردُّ على الإشاعات والأباطيل لأن الإعلام الذي نشاهده الآن عبر القنوات العربية التي لا تعد ولا تحصى هو في الحقيقة إعلام صهيوني بواجهات عربية ولا يعلّم الناس الإ الغناء والرقص ، وإن وجدت قنوات تسمى بالدينية فإنها قد تشتت الأمة أكثر مما تجمع مع وجود استثناءات قليلة طبعا

لقد سعى اليهود إلى السيطرة على وسائل الإعلام ودور النشر بهدف تسخير الرأي العام الأمريكي والعالمي لصالح الصهيونية ولإبراز اليهود دائمًا في صورة طيبة جميلة وإبراز أعدائهم في صورة إرهابية مقيتة ، كما أن هذه الوسائل الإعلامية تؤثر بشكل مباشر على انتخابات الرئاسة وغيرها من الانتخابات وتوجه السياسة الأمريكية في كل مكان ويسجل لليهود أنهم يخاطبون البلايين في الكرة الأرضية وتصل وسائل إعلامهم إلى كل مكان في العالم ، فيما نجد أن العرب والمسلمين منغلقين على أنفسهم يتناحرون فيما بينهم ، ولا يشرحون للعالم قضاياهم لأنهم يجهلون أهمية هذا السلاح ومدى تأثيره ، والمثير في هذا أن دولة قطر عندما أنشأت قناة محترمة يتابعها البلايين من الناس في الكرة الأرضية وجهت الأمة كلها سهامها على قطر بحجة أنها تريد أن ترث الدور القيادي للأمة وأنها تعطي نفسها أكبر من حجمها متناسين أن قناة الجزيرة علامة مميزة في سماء الأمة العربية وقد فتحت وعي العرب على ما كان مغلقا عليهم ، وعندما ظهرت قنوات أخرى تتبنى فكرة المقاومة وفكر رفض التطبيع مع العدو الصهيوني حاول الكونجرس الأمريكي الضغط عليها وعلى الأقمار الصناعية التي تبث منها بهدف إسكاتها إلى الأبد

وإذا كانت الحكومات العربية قد تقاعست عن إنشاء إعلام حقيقي يبني ولا يهدم فإن من مهمة الجاليات المسلمة في البلاد الغربية أن ترد على الإعلام اليهودي بإعلام مضاد وأن يجعلوا الإعلام في بؤرة اهتمامهم بدلاً من هذا الإهمال

إن إسرائيل التي تعرف تماما قوة سلاح الإعلام ، أثارت ضجة كبرى ضد مسلسل تركي مما سبب أزمة سياسية بين البلدين ولكن لماذا احتجت إسرائيل على مسلسل وادي الذئاب ؟

لقد تابعت إسرائيل مدى التأثير الذي تركه مسلسل "مهند ونور" في الأوساط العربية ، حيث نال المسلسل نسبة مشاهدة كبيرة وطالبت كثير من النساء أزواجهن أن يكونوا برومانسية ورقة مهند ، في حين كثرت وقتها حالات الطلاق والخلافات الزوجية بسبب ذلك وتم تسمية العديد من المواليد في تلك الفترة بمهند ونور، ومن هنا جاءت الخشية الإسرائيلية من تأثير مسلسل وادي الذئاب على المشاهدين العرب لما يحتويه من معلومات استخبارية وتفاصيل جرائم تقوم بها المافيا في تركيا وهي التي ترتبط بإسرائيل، خصوصاً في عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال والتجارة بالبشر ، وفي مشهد نهاية المسلسل والذي يستغرق دقيقتين فقط يقوم البطل الذي يلعب دور ضابط استخبارات تركي بالهجوم على السفارة الإسرائيلية لإنقاذ طفل خطفه الموساد ويقتل أحد عناصره، وتظهر الدماء وهي تنهمر من رأسه ملطخة نجمة داود والعلم الإسرائيلي ، وعندما ينبهه رجل آخر إلى أنه يعتبر على أرض أجنبية وأنه يرتكب جريمة حرب يرد عليه البطل التركي ألا يسمح لأحد سواكم بارتكاب جرائم حرب ؟ وقد فجر هذا المشهد تحديدا أزمة دبلوماسية بدأت باستدعاء السفير التركي في تل أبيب إلى مبنى الخارجية الإسرائيلية وتمت إهانته وإساءة معاملته، ثم تهديد الرئيس التركي عبدالله غول بسحب السفير التركي ما لم تقدم إسرائيل اعتذارا رسميا مكتوبا ، وهو ما حدث واعتبر انتصارا لتركيا
 
ويعد مسلسل "وادي الذئاب" العمل الأضخم إنتاجيا والأكثر إثارة للجدل من بين كل الأعمال التركية التي عرضت حتى الآن نظرا لما تمتع به من حرفية عالية في مشاهد الحركة والمؤثرات والحيل البصرية التي تقترب من الواقعية إضافة للقيمة الإنتاجية الضخمة للعمل التي كانت واضحة في كل المشاهد ، وهذا بالذات هو الذي أثار حفيظة إسرائيل لأن العمل متقن ومؤثر وهو إضافة إلى ذلك يختلف عن النمط الدرامي التركي المعروف الذي تسيطر عليه قصص الحب والفراق إن احتجاج إسرائيل على مسلسل وادي الذئاب لم يكن للمرة الأولى بل إن هذه هي المرة الثانية التي تحتج فيها إسرائيل على مسلسل تركي فهي قد احتجت في شهر أكتوبر 2009 عندما عرض التليفزيون التركي مسلسلا تركيا باسم الوداع يظهر جنودا إسرائيليين يطلقون النار على أطفال فلسطينيين بدم بارد حيث يصور المسلسل الجنود الإسرائيليين وهم ساديون يقتلون الأطفال مع سبق الإصراروالترصد، كما تضمن أحد المشاهد جنديا يقترب من فتاة فلسطينية وهي تقف وظهرها للحائط في أحد الأزقة ويرفع الممثل الذي يقوم بدور الجندي سلاحه ببطء، وينظر بتصميم إلى الفتاة التي كانت تبتسم ببراءة ثم يطلق النار على صدرها من على بعد أمتار قليلة ، كما يُظهر مشهد آخر جنودا إسرائيليين يقتلون طفلا رضيعا عند حاجز على إحدى الطرق، بينما يحوي مشهد آخر رصاصة بالتصوير البطيء تطارد صبيا يفر في الوقت الذي يقوم فيه الجنود بتفريق مظاهرة بالذخيرة الحية وتصيب الرصاصة الصبي في الظهر ويسقط على الأرض ، وهي في الحقيقة مشاهد تقع يوميا ضد الشعب الفلسطيني ولا يتم تصويرها وتغطيتها إعلاميا
 
لقد سجلت الدراما التركية أهدافا هامة في المرمى الإسرائيلي مما أفقدها صوابها لأن إسرائيل واليهود بصفة عامة يعلمون مدى قدرة وسائل الإعلام في التأثير على الناس وعلى تغيير أفكارهم ، ولعل القراء يتذكرون جيدا الطفل محمد الدرة الذي قتله الجنود الإسرائيليون بدم بارد ، واستطاع المصور الفلسطيني طلال أبو رحمة أن يصور المشهد المؤسف والمؤلم بتفاصيله وانتشرت اللقطة في العالم وتسببت في كل المظاهرات التي انطلقت في أرجاء العالم الإسلامي ومنها السلطنة ، فإسرائيل تحاول إلى يومنا هذا أن تلغي تلك الصورة من الذاكرة الإنسانية ، ومع الأسف فإن القنوات العربية توقفت عن بثها ، فتحت عنوان ( محمد الدرة لم يمت ) كتب روبين بدهتسور في صحيفة هاآرتس العبرية يوم 24/1/2010 أن صورة محمد وجمال الدرة الذين يختبئان خلف برميل الاسمنت في محاولة عابثة للافلات من إصابة رصاص جنود إسرائيليين أصبحت رمز الوحشية الإسرائيلية وقررت صورة الجيش الاسرائيلي كجيش متعطش للدماء يعمل حسب معايير مرفوضة

ويقول روبين إن 55 ثانية بثتها شبكة التليفزيون الفرنسية فرانس 2، وفي ختامها أعلن المراسل شارل اندرلين أن محمد مات فتحَت السد لطوفان هائل من نزعة الثأر ، فمحمد الدرة أصبح شهيدا يرمز إلى كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الوحشي ، طوابع مع صور الأب والإبن انتشرت في أرجاء العالم العربي وسميت الشوارع باسم الطفل ، وأصبحت قضية محمد الدرة انتصارا دعائيا هائلا للفلسطينيين

ويرى روبين بدهستور أن قضية الدرة تبين القصور الإعلامي الإسرائيلي الأكبروغير المفهوم لإسرائيل فهو يرى أن هناك ما يكفي من الأدلة على أن قصة موت الطفل لم تكن سوى مسرحية أعدها بكفاءة عالية الفلسطينيون ، ويقول إن ما يقلق في القضية هو تجاهل إسرائيل الرسمية للشهادات والتحقيقات التي بدأت تتجمع فور الحدث وهي أن المصور الفلسطيني طلال أبو رحمة الذي التقط الفيلم الذي نقل إلى فرانس 2 طبخ القصة وكان له شركاء آخرون مما يعني الكاتب أن القصة كلها كانت ملفقة من قبل طلال أبو رحمة وفلسطينيين آخرين بهدف تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي وكأنه لا يرتكب تلك الجرائم ويدعو روبين في مقاله ذلك ( محمد الدرة لم يمت ) يدعو إسرائيل إلى هز مصداقية الرواية الفلسطينية ويقول عندما يتبين أنه في قضية الدرة لم يمس جنود الجيش الإسرائيلي بالطفل وبأبيه فيصمت المسؤولون عن الإعلام في الجيش الإسرائيلي وتصمت وزارة الخارجية فإن إسرائيل تترك الساحة الإعلامية في يد الفلسطينيين الذين يقومون باستخدامها بذكاء - كما يقول - في ظل استغلال تعاون محطات تليفزيونية متعاطفة مع قضيتهم مثل فرانس 2

إن احتجاج إسرائيل على مسلسل وادي الذئاب التركي يدل على أهمية استغلال الإعلام العربي في كشف الغطاء عن جرائم الكيان الصهيوني وإن محاولة طمس قصة الطفل الشهيد محمد الدرة تدل على الأثر السيء الذي يمكن أن يحدثه سلاح الإعلام إذا وُجد من يعرف كيف يستغله ، وليس بالمال وحده ينجح الإعلام إذا كان يفتقد إلى رسالة وهدف.

No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة