site meter

search

Google

result

Tuesday, June 30, 2009

الملفات العالقة بين الكويت والعراق

زاهر بن حارث المحروقي

كاتب عماني

1

إن الملفات العالقة بين الكويت والعراق تحتاج إلى وضع حل جذري لها دون ترك الأمور للزمن أو للنوايا الحسنة لأن ذلك من شأنه أن يفجر الأوضاع من جديد ويؤدي إلى التوتر في المنطقة وهي أصلا في غنى عنه وأهم الملفات العالقة حتى الآن ترسيم الحدود بين البلدين وما يتبع ذلك من تقاسم للنفط وما أثير مؤخرا من تصريحات لنواب عراقيين يطالبون فيها الكويت بتعويضات مالية جراء السماح للقوات الأمريكية بالانطلاق منها لتحرير الشعب العراقي من نظام الرئيس صدام حسين وما أثير أيضا حول رفض بعض النواب العراقيين مبدأ دفع الديون المستحقة للكويت جراء احتلال العراق له


إن المتابع للتصريحات العراقية عن العلاقة بين الكويت والعراق يكاد يجزم أنها لم تتغير أبدا سواء كانت تلك التصريحات في النظام الملكي أو الجمهوري أو نظام الاحتلال وكأن المتحدث هو عبد الكريم قاسم أو صدام حسين إذ أنها كلها تصب في مصب واحد فقط هو أن الكويت محافظة تابعة للعراق ومن ذلك ما أثاره مؤخرا النائب العراقي وائل عبد اللطيف في البرلمان العراقي عندما طالب أن يكون هناك موقف منصف من العراق والكويت لوضع رؤية مناسبة لترسيم الحدود بين البلدين وأن ترسيم الحدود مثلما تريد دولة الكويت لا يمكن أن يحصل قطعاً وإن الكويت لاتزال غير مطمئنة من جانب العراق الذي لا يزال هو الأقوى بكل الحسابات وإن الكويتيين لديهم ريبة وخوف ونحن لدينا كبرياء عال ، وهذه كما يبدو نبرة فيها من التهديد والوعيد ما فيها


إن هذا التصريح نموذج يمثل رأيا عراقيا حول العلاقات العراقية الكويتية حيث أوضح عبد اللطيف إن ما حصلت عليه الكويت من امتيازات يجعلها تحاول بشتى الطرق تعطيل خروج العراق من طائلة البند السابع وهو المتعلق بدفع الديون العراقية ، لافتا إلى أن الديون المترتبة بذمة الدولة العراقية هي ديون فاسدة عن سياسات وحروب النظام البائد وبالتالي فإن الشعب العراقي غير مسؤول عن سدادها


ودعا عبد اللطيف الحكومة العراقية إلى أن تأخذ موقفا حازما وصلبا تجاه الكويت وغيرها من الدول التي تتلاعب بثروات العراق وتضغط عليه لاستقطاع تعويضات وديون لاذنب له بها - حسب قوله - واصفا موقف الدبلوماسية العراقية بأنه لا يزال هزيلا وضعيفا أمام نشاط الخارجية الكويتية ، معتبرا أن موقفا منصفا من الطرفين من شأنه أن يضع رؤية مناسبة لترسيم الحدود بين العراق والكويت لكن ذلك - كما قال - لا يعني بأي حال استقطاع قاعدة أم قصر ومساحات واسعة من حقول غربي البصرة


وكانت السلطات العراقية قد اتهمت مجموعة من عمال استخراج النفط الكويتيين بالتوغل داخل الأراضي العراقية إلى حقل نفطي عبر منطقة صفوان الحدودية حيث تعد الحقول النفطية المشتركة بين العراق والكويت إحدى القضايا العالقة بين البلدين خصوصاً بعد أن قررت السلطات العراقية التنقيب عن النفط في حقل مشترك دون وجود اتفاق ثنائي يحدد آلية استثمار تلك الحقول التي تقع على الحدود بين البلدين منها حقل جنوب الرميلة الضخم إضافة إلى حقلي صفوان والزبير ونحن نذكر طبعا أن القشة التي قصمت ظهر البعير وقام العراق على إثرها باحتلال الكويت هي تصريحات مشابهة للتصريحات الحالية حيث اتهمت بغداد في الأسابيع التي سبقت الغزو العراقي للكويت عام 1990 جارتها بسرقة ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات من النفط من حقولها عن طريق الحفر الأفقي وهو ما نفته الكويت ، ومع الإصرار العراقي على مبدأ التعويضات ورفض الكويت ذلك تم الغزو والمنطقة تدفع ثمن ذلك إلى يومنا هذا


ولعل أعنف ما صدر عن العراق تجاه الكويت هو التصريح الذي أطلقه أكرم الحكيم وزير الحوار العراقي الذي اتهم فيه الكويت بأنها تواصل مساعيها لإبقاء العراق تحت بند الفصل السابع من القرارات الدولية حتى تنتهي الأمم المتحدة من دفع ما يوازي (25) مليار دولار لصالح الكويت لتعويضها عن خسائر الاحتلال العراقي لأراضيه ، وأضاف أنه يخطيء البعض مرة أخرى في الكويت في اختيارأسلوب الضغوط على العراق وأن هذا الخطأ يتماشى مع سلسلة أخطاء ارتكبت خلال العقود الماضية من قبل الحكومة الكويتية معرباً عن الأسف والاستغراب والنهج الذي تتبعه الكويت في تحصيل التعويضات عبر مظلة الأمم المتحدة

2

أما في الجانب الكويتي فقد نفى الشيخ أحمد العبد الله الأحمد الصباح وزير النفط ووزير الإعلام بشدة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من اختراق عمال نفط كويتيين تصاحبهم معدات وأبراج لاستخراج النفط الخام داخل العراق في منطقة نفطية تقع الى الشمال من منطقة صفوان الحدودية


وقال الشيخ أحمد إن هذا الخبرعارعن الصحة جملة وتفصيلا أما التصريحات التي أطلقها بعض النواب العراقيين وطالبوا فيها الكويت بدفع تعويضات لسماحها بغزو العراق والتنازل عن ديونها المستحقة لبلادهم فقد قوبلت باستياء نيابي وحكومي كبيرين في الكويت إذ طلب عدد من النواب قطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق وسحب السفير الكويتي فورا حيث استنكرت الحكومة الكويتية هذه المطالبات ونفت في الوقت نفسه ادعاءات الجهات العراقية أن الكويت صادرت بعض الأراضي العراقية مؤكدة أن هناك تجاوزات تحدث على الحدود بين البلدين ضد المزارع الكويتية


وكان الشيخ جابر المبارك النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتى قد قال إن المطالبات الكويتية هي تعويضات دولية يجب الأخذ بها وإن المجال الطبيعي لمعالجة أية أمور بهذا الشأن هي القنوات الدبلوماسية والعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين وأن هذا الأسلوب هو الأمثل في هذه المرحلة بعيداً عن التهديد أو الوعيد لحل هذه القضية المالية وصرح وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجار الله بأن الكويت تأسف وتستغرب النهج التصعيدي لبعض وسائل الإعلام وتوجيه الاتهام للكويت في إيذاء العراق في الوقت الذي بذلت فيه الكويت جهودا كبيرة وعلى جميع المستويات لدعم العراق وعودته إلى المجتمع الدولي


أما على الصعيد النيابي فقد قال النائب الكويتي خالد الطاحوس للعراقيين " قدمنا لكم العزة والكرامة وخلصناكم من الطغيان، ونوابكم يجحدون بدلا من دفع حكومتهم إلى تسديد ديون الكويت المستحقة" فيما قال النائب الكويتي صالح عاشور إن ديون الكويت قضية مثبتة والعراق ملزم بدفعها وهو أغنى من الكويت وباستطاعته دفعها حال استقرار أوضاعه أما النائب الكويتي محمد براك المطير فأكد أن الكويت ترتبط مع العراق بمواثيق وقوانين دولية تحت مظلة الأمم المتحدة، لذلك فإن الحديث عن مباحثات جانبية سواء رسمية أو برلمانية مع الجانب العراقي مرفوضة جملة وتفصيلا وعلينا التأكيد على قرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن


وأشار إلى أن العصابات السياسية والميليشيات المسلحة هي من تديرالعراق حالياً وهي من تريد أن تبتز الكويت ودولا خليجية أخرى مضيفا أن الاستقرار في العراق بات بعيد المنال في ظل هذه العصابات الفاسدة – حسب قوله –

3

إن القضية أكبر من مجرد تصريحات نواب حول التعويضات المتبادلة فهي تدل على الحاجة الملحة إلى حل كل القضايا العالقة بين البلدين حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى وحتى لا يتم تعكير صفو العلاقات بين البلدين وينتقل ذلك إلى المنطقة كلها ، لذا يجب العمل فورا على حل الملفات العالقة ومنها ترسيم الحدود وفقا للاتفاقيات الدولية وطي صفحتها إلى الأبد ، فالسياسة تعتمد على الأمر الواقع ولا تعتمد على حسن النوايا فقط وإذا لم يتم حل الملفات العالقة فإن شعبي الجارتين العراق والكويت سيعيشان دائما في قلق ، على أن هناك نقطة تستعصي على الفهم على الأقل بالنسبة لي فحين يطالب بعض النواب العراقيين من الكويت تعويضات لأنها سمحت للقوات الأمريكية بغزو العراق لتحريره من الرئيس صدام حسين ألا يقولون إن ذلك كان رغبة الشعب العراقي ؟ ثم ألم يكن ذلك الغزو هو الذي أوصلهم إلى مقاعد الحكم والبرلمان ؟ أو أن هؤلاء النواب يريدون أن يقولوا إن للكويت ذنبا كبيرا إذ أنه هو الذي أطاح بنظام الرئيس صدام وهو النظام الشرعي ؟! وإذا كان منطقهم يقول إن نظام صدام حسين لم يكن نظاما شرعيا إذن - والحالة هذه - المطلوب من العراق هو مكافأة الكويت على تحرير العراقيين من ذلك النظام لا أن يطلب منها التعويضات


ولكن هذه المطالبات لها وجهة نظر أخرى هي أنه مهما كان السبب فلا ينبغي أن تساهم أية دولة في غزو دولة أخرى لأن ظرف أي نظام حكم ظرف طارئ ، وهل بهذا المنطق سوف نقرأ تصريحات لمسؤولين عراقيين يطالبون بالتعويض من كل الدول التي ساهمت في حصار وغزو العراق ؟ وبالمنطق نفسه ألا يعتبر كلام النواب العراقيين أنهم يبكون على الشرعية العراقية التي ذهبت أدراج الرياح مع مجيء القاذفات الأمريكية ومجيء من أتى عليها ؟! إن مطالبة النواب العراقيين الكويت دفع تعويضات لسماحها للقوات الأمريكية باحتلال العراق نكتة سياسية سمجة وليت المسألة لا تتعدى مجرد نكتة إلى ما هو أكبر من ذلك !

No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة