site meter

search

Google

result

Friday, January 27, 2012

سن قوانين العمال الأجانب في سلطنة عمان

زاهر بن حارث المحروقي
سلطنة عمان

 

الشرر الذي تطاير والذي يبدو أنه ليس صغيرا بل هو مرشح لأن يكبر هو تجمع مئات من العمال الوافدين العاملين في مشروع مطار مسقط الدولي أمام مقر شركتهم في العذيبة الأسبوع الماضي مرددين شعارات احتجاج على ما أسموه "خفض الرواتب" فيما سماه البعض الربيع الآسيوي في عمان، وهي خطوة لها دلالات كبيرة، فبحسب مصادر مطلعة أشارت جريدة الشبيبة أن قرابة 3 آلاف عامل وافد دخلوا في إضراب منذ الخميس الفائت 12 يناير من بينهم قرابة ألفي عامل من الهند والبقية من بنجلاديش وباكستان والفلبين وتركيا محتجين على تطبيق قانون العمل الجديد الذي يلزمهم –حسب قولهم– بزيادة عدد ساعات العمل ونقص في الأجر.

وقد أشارت جريدة الشبيبة في عددها الصادر يوم الإثنين 16 يناير أنها اتصلت بأحد المسؤولين في وزارة القوى العاملة، حيث قال: "لا يمكن للوزارة أن تتدخل في مثل هذا النوع من المشكلات، ما يحدث هو شأن داخلي في الشركة". وخلاصة الموضوع إن الشركة توصلت مع العمال المضربين إلى صيغة تسوية جديدة بين الطرفين.

ظاهريا يبدو أن القصة انتهت هنا ولكنها من هنا بدأت وقد دقت ناقوس الخطر وأعادت إلى الأذهان مشكلة العمالة الوافدة ومخاطرها على المجتمع وهي المشكلة التي تكلم عنها الكثيرون عبر وسائل الإعلام الرسمية والخاصة من إذاعة وتليفزيون وصحافة وعبر شبكات الحوار في النت ولكن بدون فائدة تذكر وكأن هناك جهات ما أو أشخاصا ما لا يريدون لهذه المسألة أن تنتهي والحكومة أصمت أذنيها عن المشكلة وبالتالي تم طرح العديد من الأسئلة كانت خافتة ولكنها الآن تطرح بصوت عال ومرفوع، وهي: هل الدولة فعلا عاجزة عن وضع حلول لمشاكل العمالة الوافدة ومنها مشكلة هروب خادمات المنازل المتفاقمة؟! وهذا السؤال يجر إلى سؤال آخر مؤلم وهو: هل نستطيع أن نعيش في أمان وأمن وسلام والدولةُ لا تستطيع أن تحرك ساكنا في مشكلة أصبحت تؤرق الكل، ومعنى السؤال كيف إذا تعرضنا لشيء كبير –لا قدر الله– ومشكلة كهذه لم تجد حلا؟!

إن ما قام به هؤلاء العمال هو إشارة إلى أن القضية يمكن أن تتطور ويمكن أن نرى العديد من العمال في شركات أخرى يأخذون النهج نفسه وقد يكون لهم الحق طالما أننا سمحنا لأنفسها أن يتدخل في وضع قوانيننا ويفرض شروطه علينا الدول التي يرد منها هؤلاء العمال وسارعنا إلى إرضاء أمريكا في قضية مفتعلة هي قضية الاتجار بالبشر وأصبح همنا الأوحد هو أن ترضى عنا أمريكا وتمنحنا شهادة البراءة، وليس معنى كلامي أنني ضد هؤلاء العمال ومطالبهم بل أنا مع تلبية كل مطالبهم طالما أن هناك اتفاقا وعقدا مبرما بين الجانبين، مع العلم أن هناك كثيرا من الشباب العماني عاني ويعاني من المشكلة ذاتها.

عند سن القوانين يجب أن تراعي هذه القوانين المجتمع العماني وأخلاقياته وبيئته ويجب أن تكون القوانين نابعة من الداخل ولا تفرضها علينا المنظمات ولا الحكومات الخارجية التي يأتي منها هؤلاء العمال، وقد نكون الآن أحوج ما نكون إلى إعادة صياغة كل القوانين المتعلقة بالعمالة الوافدة، يشارك في ذلك أعضاء مجلس الشورى والمكرمون أعضاء مجلس الدولة وممثلون عن الجهات المختصة ومنها الأمنية، حماية للبلد وحماية لحقوق المواطنين، ويجب التركيز على سن عقوبات رادعة للعمالة الهاربة ويتم إخطار السفارات الأجنبية بها بحيث يكون موقفنا قويا حتى يتم القضاء التام على ظاهرة الهروب من العمل لما يشكله ذلك من خطر على المجتمع من انتشار الجرائم بكل أنواعها وما يشكله من آثار سلبية سياسية واجتماعية واقتصادية، إذ يشير بيان رسمي أن عدد الهاربين حتى نهاية ديسمبر 2011 بلغ 96021 هاربا وهو رقم كبير هذا إذا أخذنا في الاعتبار عدد الذين لم يتم الإبلاغ عنهم.

أما عن مشكلة خادمات المنازل فإنها أصبحت قضية كبرى الآن بحيث يكاد كل بيت لا يخلو من مشكلة كهذه وما تكلفته الأسرة من مبالغ كبيرة في سبيل استقدام هذه العاملة وفي النهاية ذهبت أصوات المواطنين سدى، وأنا على يقين أن الزميل الكاتب سليمان المعمري لو جمع قصص العائلات العمانية وما عانته من مشاكل العاملات وجعلها في رواية فإن روايته تلك سوف تفوز بجائرة البوكر العربية في دورتها المقبلة وذلك لكثرة هذه القصص وتنوعها، وكل المؤشرات تدل على أن هناك عصابات منظمة تتولى تهريب الخادمات لأجل الاتجار بهن واستغلالهن، وهذا ما يجب أن تحاربه أمريكا ومنظمات حقوق الإنسان لا أن تركز على إعطاء الخادمات حقوقا لا يملكها العامل العماني نفسه!

وللتأكيد أن هناك عصابات تتولى تهريب الخادمات هو هروب الكثيرات منهم بعد وصولهن إلى السلطنة بأيام، لأنها تأتي وهي لديها الكثير من الأرقام وفي علمها المسبق أن القانون في صالحها مهما كان وأن المواطن الذي تكلّف أكثر من ألف ريال لاستقدامها سيتحمل الباقي، وليت المسألة تقتصر على الخسائر المالية فقط بل تتعدى ذلك إلى الآثار النفسية للعديد من العائلات.

ونحن لا نبرئ الإنسان العماني تماما، فإن هناك بالتأكيد بعض التجاوزات ولكنها قليلة أما الأغلبية من المواطنين وأرباب العمل فهم ضحايا القوانين التي تنصف الظالم وتظلم صاحب حق، وفي النهاية فإن المواطنين ضحايا التراخي في الأجهزة الأمنية وفي وزارة القوى العاملة لأن شروط نظام العمل كفلت حقوق المكفول وضيعت حقوق الكفيل.

ومن الخطأ أن نسمع عبارة تتكرر على ألسنة المسؤولين وهي أن مشكلة هروب العمالة الوافدة مشكلة عالمية وأن دول الخليج كلها تعاني من المشكلة نفسها، فردٌ مثل هذا يدل دلالة واضحة على أن هناك عجزا كبيرا وفشلا ذريعا في حل المشكلة إذ أن مهمة المسؤولين هي وضع الحلول والبحث عن البدائل، وفي ظني أن البدائل والحلول موجودة إذا كانت النية موجودة ولست في هذا المقال بصدد وضع الحلول ولكن يمكن الوصول إليها بكل بساطة لمن يريد ذلك.

إن الشيء الذي يثير التساؤلات إلى حد الغرابة هو أن المواطنين العمانيين عانوا كثيرا من مشكلة العمالة الوافدة وصرخوا كثيرا وبأعلى الأصوات وامتلأت منتديات الحوار وصفحات الجرائد بشكاوى المواطنين، فهل كل ذلك لم يصل إلى آذان جهات الاختصاص؟! وهل علينا أن نسكت دائما ونتجاهل معاناة المواطنين حتى ينفجر الموقف ؟ إن الواقع –للأسف الشديد– يقول: نعم، فلقد كتب الكتاب وتحدث المتحدثون عن كثير من الأمور التي تخص المواطنين طوال السنوات الماضية إلا أنه لم ينتبه إليها أحد وكأن المسؤولين وضعوا "في أذنهم طين وفي الأخرى عجين" حتى خرجت الاعتصامات والمظاهرات، والآن فإن قضية العمالة الوافدة تفتح بابا آخر يحتاج أن يغلق قبل أن يستفحل أمرها، ولم تعد قضية الاعتصامات أو الإضرابات قاصرة على العمانيين وحدهم بل تعدتهم إلى العمالة الوافدة وهو مؤشر خطير وصعب ومعظم النار دائما من مستصغر الشرر، والشرر قد تطاير الآن إلى الجهات الأربع وعسى أن لا تصادف الرياح هذا الشرر.

منشور في جريدة الرؤية العمانية في 24 يناير 2012م
نوان البريد الإلكترونى هذا محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تفعيل الجافا لتتمكن من رؤيته مممممممممممممممممممممننننننمنشورممممممممممممممممالثلاثاء, 24 يناير/كانون ثان 2012 الثلاثاء, 24 ين

No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة