site meter

search

Google

result

Friday, June 13, 2008

نبوءات ديفيد بن جوريون

زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
1
من أقوال مؤسس الكيان الصهيوني الحقيقي ديفيد بن جوريون وأول رئيس وزراء لإسرائيل وهو يخاطب الجنود الصهاينة الذين انتصروا على العرب عام 1948 (إن ما تحقق لنا من نصر كان أكبر مما توقعناه وإذا كنتم تتصورون أن النصر تحقق بفضل قوتكم وعبقريتكم فإنكم على خطأ كبير لقد تم لنا ذلك لأن أعداءنا يعيشون في حالة مزرية من الضعف والتفكك والاختلاف .لقد لخص بن جوريون أسباب هزيمة العرب بحالتهم المزرية من الضعف والتفكك والاختلاف وهي أدوات كافية لتدمير أية أمة وبعد مرور 60 عاما على ذلك النصر وعلى ذلك الكلام هل تغير شيء من واقع العرب ؟! إن بن جوريون ذهب بعيدا في توصيف قوة العرب عندما قال( يجب أن نأخذ في الحسبان أن جيراننا العرب يشكلون خطرا كبيرا فهم موحدون من ناحية اللغة والدين والثقافة ونحن عنصر غريب وهم عندهم رغبة في الانتقام وربما تداعت إلى ذهنهم الحملات الصليبية ومن الجائز أن يقوم فيهم زعيم يغير المزاج العام )هنا يعلمنا بن جوريون قبل أن يعلم جنوده أن هناك ما يجمع العرب وهو كفيل بجعلهم ينتصرون على عدوهم ويحدد اللغة والدين والثقافة والتاريخ المشترك في مواجهة عدو مشترك ويستشهد في ذلك بالحروب الصليبية ، ويكون بن جوريون أكثر وضوحا عندما يبدي خوفه من أن يظهر زعيم عربي يأخذ بأسباب النجاح هذه ويقلب الطاولة على الدولة الصهيونية الوليدة وهو في يومياته يعرب أكثر من مرة عن خشيته من قيام زعيم عربي بقيادة العرب إلى طريق الوحدة ومن دروس التاريخ التي قدمها ديفيد بن جوريون حسبما ورد في يومياته أنه قال إن انتصارنا ليس دليلا يشير إلى المستقبل فالعرب فشلوا لأن خطتهم الاستراتيجية كانت سيئة ولم تكن لديهم قيادة موحدة ولأن تسليحهم لم يكن كافيا ولم تكن لهم قوة جوية والطاقة البشرية المجندة لم تكن كافية أيضا ومعنوياتهم كانت منخفضة وكذلك قدرة التعلم ولم تكن عندهم صناعة عسكريةوقال بن جوريون إن هذه العوامل في مصلحة إسرائيل لأعوام كثيرة قادمة ولكن إذا تغير الوضع فما العمل ؟! يقدم بن جوريون عدة مقترحات منها اقتراح زيادة السكان اليهود وأن هجرة يهودية كبيرة إلى إسرائيل أولوية قصوى وحيوية للأمن الإسرائيلي واقترح استيطانا استراتيجيا في المناطق الحدودية ثم تطوير قدرة صناعية كبرى إضافة إلى تطوير الصناعة العسكرية مع تطوير طيران مدني وكذلك سفن تجارية يتم ملاءمتها مع متطلبات الحرب وتطوير المواصلات البرية بتوجيه من الجيش وإشرافه ، ويصل إلى نقطة مهمة وهي الاهتمام بالبحث العلمي النظري والتطبيقييقدم الصحفي عبد العال الباقوري قراءة تحليلية لمضامين توجهات ديفيد بن جوريون وذلك في ملف خاص عن مرور 60 عاما على قيام الكيان الصهيوني في جريدة العربي الناصري بتاريخ 11/5/2008 ويقول إن قيادة بن جوريون كان لها دور كبير فيما حققه الصهاينة في عام 1948 من نجاح وكانت رؤيته وآراؤه وراء ما حققته إسرائيل من مكاسب في السنوات التي تلت ذلك وفي مقابل هذا لم يكن هناك (بن جوريون العربي) فقد دخل العرب معركة 48 منقسمين ومختلفين ولا يجمع بينهم هدف واحد - ولا يزالون - وكان انقسامهم واختلافهم مصلحة إسرائيلية نجح الصهاينة في توظيفها إلى أقصى حد ممكن بل استطاعوا أن يضعوا أصابعهم على الخلافات والصراعات العربية ووظفوها لخدمة أهدافهم ، ويرى الأستاذ عبد العال الباقوري أن تلاميذ بن جوريون استوعبوا تعاليم الأستاذ ولم يألوا جهدا في السعي إلى دق الأسافين بين البلدان والقيادات العربية من ناحية وإلى ضرب أي مسعى جاد لتحقيق شكل ما من الوحدة والاتحاد بين أي بلدين عربيين أو أكثر فضلا عن التلاعب بورقة الأقليات التي لم يقدم الفكر القومي العربي حلا لها ،وفي الوقت نفسه عجز العرب عن استخلاص دروس الهزيمة عام 1948 وإنشاء إسرائيل ،بل عجزوا عن استخلاص دروس الهزائم التي أعقبت الهزيمة الأولى ولم يعملوا على تقوية أنفسهم باستخدام أدوات النصر التي حددها بن جوريون ولكن هل محتم أن تتحقق نبوءات بن جوريون كلها وإسرائيل قد احتفلت بمرور 60 عاما على إنشائها ؟ وهل يمكن أن تستمر إسرائيل إلى الأبد وهي الدولة التي صنعتها حماقة الإنسان كما قال رئيس وزراء الصين الأسطوري شوين لاي ؟
2
إذا كانت بريطانيا قد تحملت حماقة صنع إسرائيل فإن أمريكا قد تحملت حماقة أكبر وأعظم عندما تبنت إسرائيل تبنيا غير شرعي فها هو رئيسها جورج بوش يطرح أيضا نبوءة من نبوءاته في ساعات صحوه إذ قال في الشهر الماضي وهو يحتفل بمرور 60 عاما على إنشاء الكيان الصهيوني لنحاول أن نتخيل المنطقة بعد 60 عاما من الآن ، ستحتفل إسرائيل بذكراها رقم 120 عام 2068 وهي واحدة من أعظم الديمقراطيات في العالم ، قد يكون عدد سكان إسرائيل أكثر بقليل من 7 ملايين ولكن عندما تواجهون الإرهاب والشر تصبحون 307 ملايين - وهو يشير إلى عدد الشعب الأمريكي - لأن الولايات المتحدة تقف معكم ، ووصف بوش إسرائيل بأنها وطن الشعب المختارلكن الدكتور عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية له رأي مغاير تماما لرأي جورج بوش فهو يتوقع نهاية قريبة للدولة العبرية ربما خلال 50 عاما وينفي الدكتور المسيري أن يكون لهذا التوقع علاقة بالتشاؤم أو التفاؤل مشددا على أنه يقرأ معطيات وحقائق في سياقها الموضوعي ويستخلص ما يمكن أن تسفر عنه من نتائج وقال إن الباحثين الإسرائيليين أنفسهم لا ينكرون هذا الخوف حتى أصبحت كمية الكتابات في إسرائيل عن نهاية الكيان الصهيوني مملة بل يضيف أن هذا الهاجس لازم مؤسسي إسرائيل ومنهم ديفيد بن جوريون الذي ألقى خطابا قبل قيام إسرائيل بعشر سنوات قال فيه إن الجماعات اليهودية في فلسطين لا تواجه إرهابا إنما تواجه حربا وهي حرب قومية أعلنها العرب وهي مقاومة فعالة من جانب الفلسطينيين لما يعتبرونه اغتصابا لوطنهم من قبل اليهود وقال إن الشعب الذي يحارب ضد اغتصاب أرضه لن ينال منه التعب سريعا وأوضح الدكتور عبد الوهاب المسيري أن الطبيعة الوظيفية لإسرائيل تعني أن القوى الاستعمارية اصطنعتها وأنشأتها للقيام بوظائف ومهام تترفع عن القيام بها مباشرة وهي مشروع استعماري لا علاقة له باليهودية ولكن كاتبا كبيرا بوزن الأستاذ محمد حسنين هيكل يرى أن المرحلة التي يمر بها الصراع العربي الإسرائيلي مرحلة بالغة الخطورة في المنطقة وأن الأجندة الوحيدة المطروحة على الساحة هي الأجندة الإسرائيلية وأن إسرائيل تمضي في طريقها ومخططها نحو دول المنطقة وليس هناك ما يعوقها ويركز في حديث أجراه مع القضاة المصريين في ناديهم يوم الثلاثاء 27/5/2008 على أن إسرائيل نجحت في أن تجذب العرب إلى حروب فرعية بعيدة عن صراعهم الحقيقي بالرغم من وضوح العدو الرئيسي أمامهم وهو إسرائيل ، وهذه الأهداف الرخيصة قد أشار إليها بن جوريون في خططه بأن يتم إشغال العرب بقضايا جانبية وقضايا الأقليات في الوطن العربي والتي كان من رأيه أنه يجب أن يستفاد منها كل الفائدة وقد عدّد الكثير من الكتاب الذين تناولوا في كتاباتهم ودراساتهم موضوع مرور 60 عاما على اغتصاب فلسطين أسباب زوال إسرائيل وأجمعوا على أن إسرائيل الآن تعيش حالة التقهقر بعد أن لحقت بها هزائم عسكرية متوالية منذ حرب الاستنزاف نهاية الستينيات وحرب أكتوبر 73 والانتفاضة الأولى 87 والانسحاب من جنوب لبنان والانتفاضة الثانية عام 2000 والحرب السادسة عام 2006 والتي أثبت فيها حزب الله أن الجيش الإسرائيلي يمكن أن يهزموهناك أسباب كثيرة قدمها المؤمنون بحتمية زوال إسرائيل منها مثلا تمسك الفلسطينيين بحق العودة والتمسك بحق المقاومة حتى ولو كان بوسائل بدائية ، وللسيد حسن نصرالله رأي جميل وهو وجيه هو أن الشعب الذي استطاع أن يقاوم طوال 60 عاما قادر على أن يستمر في مقاومته رغم خذلان الأخوة ، وهذه المقاومة دليل على حتمية زوال إسرائيل وعلى الجانب الإسرائيلي نجد أن الكثيرين كتبوا عن هذه المناسبة ولكن ما يجتمع بينهم أجمعين هو التركيز على القوة الإسرائيلية وأنها هي سبب بقاء إسرائيل وهي سبب تفوقها على العرب وهذا الموضوع نفسه كان نبوءة من نبوءات بن جوريون الذي قال إننا بدون قوة ردع لا نستطيع أن نعيش بسلام ولكن عندما نمتلك القنبلة النووية فإن العرب سيخضعون لنا ونحن إذا هزمنا مرة فلن تقوم لنا قائمة أما العرب فيستطيعون تحمل أكثر من هزيمة ويكتب عاموس جلبوع في صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم 5/5/2008 تحت عنوان عظمتنا في قوتنا أنه في العام الستين للدولة توجد أهمية كبرى لحقيقة أن قيادة الدولة لن تتردد أن تقول بصوت عال أمورا مشابهة لتلك التي قالها منذ وقت غير بعيد قاضي المحكمة العليا المتقاعد:سنقطع يد كل من يحاول أن يهدد بالإبادة دولة الشعب اليهودي أما كوبي نيف فإنه يكتب في نفس الصحيفة وفي اليوم نفسه رأيا مغايرا لرأي عاموس حيث يقول:إذا كانت الحقيقة في أنه بعد 60 سنة من الاستقلال اليهودي حيث تتوافر لنا القوة العسكرية الأكبر الممكنة ، القوة التي تسمح لنا لأن نبيد بكلتي يدينا شعوبا وبلدانا ، فإننا نبقى نحن أمام خطر حقيقي للإبادة الجماعية فما الذي إذن أجداه الحكماء بطرحهم الصهيوني ؟ أفيحتمل أن يكون التفكير الصهيوني الذي يقضي بأن القوة وحدها هي الحل هو بالذات الصيغة المصيبة ؟
3
إن ديفيد بن جوريون قد نبّهنا إلى نقاط قوتنا وإلى نقاط ضعفنا وقد نبّهنا أكثر من 60 عاما إلى مكامن القوة لدى إسرائيل ومكامن الضعف فيها ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو هل بن جوريون عربي ؟ إن من يقرأ ويتابع يوميات ديفيد بن جوريون أو تصريحاته أو خطبه أو أقواله لا يملك إلا أن يصاب بالدهشة من مقدرته على قراءة المستقبل وكأنه كاهن يرى الأحداث قبل وقوعها وقد بنت إسرائيل سياساتها بناء على قراءة بن جوريون للأحداث وللمستقبل بل إن كل من أتى بعده من زعامات الكيان الصهيوني يملك شيئا من البنجوريونية حسب تعبير الباقوري ، وقد عاشوا ورأوا أن كل نبوءاته تتحقق على أرض الواقع وكلما يمرعليّ اسم ديفيد بن جوريون ألجأ إلى لعنه سرا وعلنا لأني معجب به أيما اعجاب وأخشى من تبعات هذا الاعجاب وقد كتبت مرة في هذه الصحيفة أن بعض الاعجاب ليس إثما.
نشرت في جريدة الشبيبة العمانية في 10 يونيو 2008م

No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة