site meter

search

Google

result

Friday, April 4, 2008

قمة دمشق مارس 2008م

زاهر بن حارث المحروقي
كاتب عماني
1
في عام 1985 ، عقد جلالة السلطان المعظم مؤتمرا صحفيا لوسائل الإعلام العمانية وقد مثل الإذاعة في ذلك المؤتمر، الزميل القدير حسن بن سالم الفارسي الذي كان أول من طرح الأسئلة على جلالته حفظه الله . من النقاط المهمة التي قالها جلالته في ذلك المؤتمر ، إنه يقترح على القادة العرب أن يجتمعوا اجتماعا غير رسمي في دولة أوروبية مثلا وفي حديقة جميلة ، وتدور عليهم فناجين الشاي والقهوة ، ويكون الاجتماع غير ذي طابع رسمي ،ويتم طرح مواضيع النقاش أخويا ، حتى يتم كسر الحاجز بين القيادات العربية ، لعل في ذلك حل للكثير من المشكلات التي تعترض مؤسسة القمة الرسمية . واليوم وقد انتهت قمة دمشق أظن أن هذا الاقتراح لا يزال مطلبا أساسيا ، وكان الأولى بالقيادات العربية أن تأخذ باقتراح جلالته حفظه الله. والكل يعرف أن شون ماكورماك المتحدث باسم الخارجية الأمريكية هو الذي دعا علنا لمقاطعة القمة لعرقلة سوريا العملية الانتخابية في لبنان من المضي قدما - حسب قوله - ولكن ما لم يذكره شون ماكورماك هو أن هذه الدول العربية التي طالبها بالتروي في المشاركة في القمة ، هي نفسها التي ليس بها انتخابات رئاسية أبدا ، ولا تعرف في قاموسها السياسي كلمة الانتخاب ، فكان الأولى عليها هي أن تعطي شعبها فرصة الانتخابات ، فكيف إذن تتحمّل سوريا مسؤولية عدم انتخاب رئيس في لبنان ، بينما هناك من قاطع القمة العربية ولا تجري عندهم انتخابات كلية ؟! ثم هل مشكلة الرئاسة في لبنان هي قضية القضايا ؟ ألا يستحق الرسول صلى الله عليه وسلم وقفة من القيادات العربية ؟ وقد قال إكمال الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جلسة افتتاح القمة العربية بلغة عربية واضحة : إن هولندا عرضت فيلما يسيء إلى القرآن الكريم الأسبوع الماضي ، وسيتم خلال الشهر الحالي عرض فيلم آخر يسيء إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، هل هذا لا يحتاج إلى وقفة من القيادات العربية ؟ ثم ألا يستاهل الفلسطينيون وقفة من القمة العربية ؟ والوضع في العراق ألا يشغل بال متخذي القرار في الوطن العربي ؟ وأين مشاكل الصومال ودارفور وجزر القمر ؟ هل المشكلة فقط في رئيس لبنان أو في انتخابه أو عدمه ؟ وهل توقفت الحياة في لبنان بذهاب العماد إميل لحود منذ 24 نوفمبر الماضي ؟ إن لبنان لم يكن إلا ورقة في أيدي اللاعبين ، ولو أرادت سوريا أن تستغل ورقة لبنان لاستطاعت فأمريكا مستعدة أن تعطي لبنان كله لسوريا شرط إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل ، وقد أشار إلى ذلك الشيخ أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا في خطبة الجمعة الماضية 28/3/2008 عندما قال لقد تم عرض تقسيم لبنان علينا مناصفة مع إسرائيل قبل 20 عاما لكن سوريا رفضت ذلك ولديها إثبابات ووثائق . إن هذا الشيء غير مستبعد ولو حصل ماذا سيقول المتشدقون بورقة انتخاب رئيس للبنان ؟
2
أعتقد أن قمة دمشق من أنجح القمم العربية ، وأن نجاح قمة دمشق يكمن في مجرد عقدها بعد أن حرّضت أمريكا على عدم عقدها ، وبعد الحضور الجيد الذي لم يتوقعه البعض لأن هناك من وقف بنفوذه محاولا عرقلتها ، ولم تعد البيانات الإنشائية الهزيلة تجد طريقا إلى الآذان العربية ، والفضل في ذلك يعود إلى ذكاء الناس وإلى قفزة الفضاء المفتوح ، ولقد عقدت القمة في أجواء تدل على الجدية ، فلا كلمات المجاملات ولا استعراض العضلات والموديلات ، ثم إن هناك سببا جوهريا لنجاح القمة ألا وهو عدم الرضا الأمريكي ، فهذا يؤكد للشعوب العربية أن بيان القمة لم يصغ من قبل الآنسة كونداليزا رايس ،وفي هذه النقطة أي عدم الرضا الأمريكي يقول عبد الباري عطوان في جريدة القدس العربي يوم الأربعاء الماضي 26/3/2008 تحت عنوان مقاطعو القمة هم الخاسرون ، يقول عندما يقاطع حلفاء أمريكا قمة عربية ويستنكفوا عن المشاركة فيها فهذا يعطي انطباعا فوريا للمواطنين العرب المحبطين ، بأن هذه القمة جيدة أو مختلفة وغير مهيمن عليها أمريكيا ، وإذا كانت الزعامات العربية التي قاطعت هذه القمة تعتقد أنها تعزل سوريا بهذه المقاطعة وتفشّل أعمال القمة فإنها مخطئة لأنها في واقع الحال تعزل نفسها عن العمل العربي المشترك أولا وعن الجماهير العربية ثانيا . ومن الأقوال الجميلة التي قرأتها ما كتبه توفيق رباحي في جريدة القدس العربي قبل أسبوعين عندما قال من تجربة السنوات والقمم الأخيرة ، لم نعد نتذكر من الحدث إلا من من الرؤساء والملوك العرب حضر ومن منهم غاب ولماذا ؟ ، كأن ذلك هو مقياس النجاح ، دعكم من النتائج لأن هذه غسّل منها العرب أيديهم منذ زمن ويرى توفيق رباحي أنه لسبب ما اتصف الفشل بالدولة المضيفة كأن غياب الضيف مسؤولية أو ذنب المضيف .
3
في مقابلة مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله أجراها ولتون وين مدير الأسوشيتد بريس في القاهرة وويلز هانجن مراسل الإذاعة الأمريكية في الشرق الأوسط ، والتي تمت في 17/9/1957 أي أكثر من 50 عاما ، سأل وين الرئيس جمال عبد الناصر لقد قلتم في تصريح لكم إن مصر سوف تساعد سوريا مساعدة كاملة ، فهل يعني ذلك إرسال قوات مصرية للدفاع عن سوريا في حالة وقوع هجوم عليها ؟ قال الرئيس إني أكرر أننا سوف نقف مع سوريا إلى غير حد بغير ما قيد أو شرط ، إن بيننا وبين سوريا اتفاق دفاع مشترك ضد أي عدوان ، ونحن نعتبر أن أي هجوم على سوريا هو هجوم موجه ضدنا في الوقت نفسه ، ولذلك ستكون مساعداتنا لسوريا بكل الوسائل ، أما عن نقل قوات مصرية إلى سوريا فهذا يتوقف على مصدر العدوان ، ولكن لا يخالجني شك في أن مصر جميعها ستكون مشتركة في المعركة السورية ، أما الميدان فإن الظروف وحدها هي التي تحدد مكانه. هانجن : هل يظل تأييدكم إلى هذا الحد المطلق لسوريا حتى إذا أصبح هذا البلد تحت سيطرة الشيوعية ؟ - أجاب الرئيس جمال عبد الناصر إن سوريا لن تكون شيوعية ولن تكون سوريا إلا وطنية وينبغي عليكم أن تعرفوا الفارق الكبير بين الشيوعية والوطنية ، وأنا أعرف شخصيا زعماء سوريا ، كما أعرف قادة جيشها وإني واثق من أنه لا يوجد بينهم شيوعي واحد وإنما هم جميعا من أصدق الوطنيين ، أنا واثق من أن سوريا لن تصبح تحت أية سيطرة أجنبية . هانجن : هل ترون أن مصر تستطيع التوسط بين سوريا وأمريكا ؟ رد الزعيم الراحل : لا أؤمن بالوساطات وكنت أفضل لو أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية اتجهت مباشرة إلى زعماء سوريا الوطنيين لتعرف منهم ما تريد معرفته عن بلادهم ، ولست أفهم حتى الآن لماذا توفد الولايات المتحدة مبعوثيها لكي يدوروا حول سوريا يتسقطون أخبارها من العواصم المحيطة بها ولا يحاولون أن يسلكوا الطريق الطبيعي الوحيد ، وهو الإتجاه إلى سوريا نفسها . لن أحلل هذا الكلام وأقارن بين الوضع الحالي والسابق بين مصر وسوريا لكن أترك ذلك لقارئي العزيز وثقتي فيه كبيرة .
4
إن العقيد علي بن محمد فال الذي أطاح بمعاوية رئيس موريتانيا ( وجميل أن يطيح علي بمعاوية ، عكس الواقعة التاريخية ) إن العقيد علي لما حضر قمة الرياض العام الماضي ، اشتكى الموريتانيون من تجاهله التام من قبل الزعماء العرب ، ولم يكلمه أحد أبدا ، وهكذا الاجتماعات تبدأ وتنتهي حتى الرؤساء لا يتعارفون فيما بينهم ، ولا تتم حتى المصافحات بينهم ، لكن ماذا لو تم الأخذ باقتراح جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه وتم عقد مثل هذه اللقاءات في أجواء أخوية وودية وغير معلنة وبعيدة عن الرسميات والتصوير والمراسم ألم يكن ذلك سبيلا للنجاح وكسر الحواجز النفسية وما أكثرها ، ألم يكن ذلك أنفع وأجدى ، ألم يكن ذلك حفظا وصونا للمؤسسة العربية الرسمية ؟!!
ن
شرت في جريدة الشبيبة العمانية بتاريخ 1 أبريل 2008م

No comments:

Popular Posts

Followers

My Travel Map

تأخير الصلاة